النظام التركي يفرج عن زعماء المافيا ويبقى السياسيين قيد الإعتقال

أفرجت سلطات النظام التركي، الخميس، علاء الدين تشاكجي، أحد أبرز زعماء المافيا التركية، المدان بالتحريض على القتل وجرائم أخرى، من سجن سنجان، وسط مخاوف من أن يستغل أردوغان قادة المافيا لتصفية حساباته مع المعارضين كما حصل قي ثمانينات القرن الماضي.

وأظهرت لقطات مصورة نشرتها وكالة دوغان الخاصة وصحيفة خبر تورك على منصاتها في الإنترنت قافلة تقل زعيم المافيا المقرب من زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشه لي، بعيدا عن السجن.

وزاد إطلاق سراح أحد أبرز زعماء المافيا التركية الخميس بفعل قانون عفو يهدف لاحتواء وباء كورونا من نسق الجدل المتصاعد داخل الأوساط السياسية، والتي تتهم الرئيس رجب طيب أردوغان بالازدواجية في التعامل مع المعتقلين.

وبدأت السجون في أنحاء تركيا الأربعاء الماضي إطلاق سراح نزلاء، في إطار عفو موسع أقره البرلمان بدعم من حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه اليميني حزب الحركة القومية.

واستثنى القانون السجناء السياسيين من حق التمتع بإجراء الإفراج عن الآلاف من السجناء لتخفيف الاكتظاظ في السجون المهدّدة بانتشار الفايروس.

ومن أبرز المساجين الذين بقوا في السجون بحجة تورطهم في الإرهاب، السياسي الكردي المعارض صلاح الدين دميرداش، الذي تم اعتقاله العام الماضي، ورجل الأعمال والمدافع عن حقوق الإنسان عثمان كافالا والصحافي أحمد ألتان.

وذكر موقع أحوال تركية أن أنصار تشاكجي عمدوا من خلال حساباتهم في موقع تويتر إلى تهديد منافسه سادات بيكر، وهو مواطن تركي متشدد أدين بارتكاب جرائم بما في ذلك إنشاء منظمة إجرامية.

ولكن مصادر رجحت أن يكون بهتشه وراء إقناع أردوغان بشمول تشاكجي بالعفو خاصة وأنه سبق وأن زاره في زنزانته بالسجن عام 2018 وطالب بإطلاق سراحه في ذلك الوقت.

وتطرح سياسة الانتقاء التركية مع السجناء تساؤلات حول الضمانات القانونية التي يمكن أن يستفيد منها 90 ألف سجين من الإفراج المشروط أو الإقامة الجبرية في المنزل.

واللافت للانتباه أن قانون العفو يستبعد كل المدانين بتهم تتعلق بالإرهاب أو الاعتداءات الجنسية أو جرائم المخدرات والقتل العمد والعنف ضد المرأة، لكن هذه القاعدة لم يتم تطبيقها مع تشاكجي.

ويقول مراقبون إن المنظمات الإجرامية تعتمد في نشاطها، على تجارة الجنس والمخدرات والقتل، وعليه فإن تركيا قد تكون اخترقت قانون العفو الجديد بإطلاقها أحد أبرز قادة المافيا.

ويعد تشاكجي من بين الشخصيات المعروفة في ساحة الجريمة بتركيا، إذ برز في ثمانينات القرن الماضي كزعيم لعصابة إجرامية.

وكان قد حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2006 لإدانته بإعطاء أمر بقتل زوجته السابقة في العام 2005 قبل أن يتمكن من الفرار إلى أوروبا في ظروف غامضة، وقد تم تخفيض العقوبة لاحقا إلى 19 عاما وشهرين.

وقامت فرنسا بتسليم تشاكجي عام 1998 إلى تركيا، ليتم إطلاق سراحه في 2002 إذ فر بطريقة غير شرعية من البلاد، لتقوم النمسا في 2004 بتسليمه مجددا.

وقد أدانته تركيا بعد ذلك بتهم تنظيم وقيادة منظمة إجرامية، والتحريض على القتل وإهانة أردوغان وغيرها من الجرائم.

ويواجه النظام التركي انتقادات من منظمات حقوقية ترى أن التعديل يستبعد المعارضين من السياسيين والصحافيين والأكاديميين وموظفي الخدمة المدنية والمحامين، الذين يواجهون اتهامات تتعلق بالإرهاب.

وأدانت تلك المنظمات عدم شمول قانون العفو المثير للجدل العديد من الصحافيين والمعارضين السياسيين والمحامين الموجودين في الحجز الاحترازي ولم يخضعوا بعد للمحاكمة.

ومن بين هؤلاء متّهمون قيد المحاكمة أو ينتظرون بدء محاكماتهم، وموقوفون ينتظرون توجيه اتّهامات رسمية إليهم تمهيدا لمحاكمتهم.

وقال المسؤول بمنظمة العفو الدولية أندرو غاردنر لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ “العديد من الأشخاص القابعين في السجن لأنّهم مارسوا حقوقهم وهم لم يرتكبوا أيّ جريمة مستثنون من إجراء الإفراج عنهم، لأنّ الحكومة تختار استخدام قوانين مكافحة الإرهاب المرنة جدا والمفرطة في الاتّساع والغموض”.

وطلب محسوني كارامان وهو أحد محامي السياسي الكردي دميرداش، في وقت سابق هذا الشهر إطلاق سراح موكله لأسباب صحية، لكن لم يتخذ أي قرار بهذا الصدد حتى الآن. وقد اعتبر المحامي أن القانون الجديد “غير عادل وغير قانوني”.

وعانى دميرداش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض في ديسمبر الماضي من آلام في الصدر وصعوبات في التنفس وتلقى علاجا سريعا في السجن.

ودميرداش واحد من عشرات الآلاف من الأشخاص المحتجزين بسبب اتهامهم بالارتباط بمنظمات كردية مسلحة غير شرعية أو بالحركة التي يتزعمها الداعية الإسلامي فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.

وتعجّ السجون التركية بالمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، حيث استغل النظام التركي محاولة الانقلاب الفاشلة لإطلاق حملة أمنية واسعة تستهدف خصومه السياسيين ومنتقديه.

وبحسب مجلس أوروبا، وهو منظمة حقوقية تضم 47 دولة فإن السجون التركية تضم قرابة 270 ألف سجين، وبها ثاني أكبر عدد من السجناء الجنائيين بعد روسيا.

وقالت ميلينا بويوم المعنية بالشأن التركي في منظمة العفو الدولية في وقت سابق إن “المدانين في محاكمات غير عادلة بموجب قوانين مكافحة الإرهاب الواسعة للغاية في تركيا أصبح محكوم عليهم أيضا بمواجهة احتمال الإصابة بمرض كوفيد – 19 الفتاك”.

 

أنقرة- الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى