تحت وقع التظاهرات الغاضبة… نتنياهو يتراجع عن “التعديلات القضائية”

اليمين الفاشي في إسرائيل يدعو للتظاهر دعما لخطة التعديلات

تحت ضغط التظاهرات الغاضبة من مشروعه، أعلن رئيس حكومة اليمين الفاشي في إسرائيل بنيامين نتنياهو، الإثنين، إرجاء تقديم مشروع حكومته بشأن “التعديلات القضائية” إلى الكنيست (البرلمان)، بهدف الوصول إلى “حوار واسع”. لكنه أكد إصرار حكومته على تمرير التشريعات، مشيراً إلى أن قراره جاء لمنع “حرب أهلية” في إسرائيل.

وشدد نتنياهو، على أنه “غير مستعد لتمزيق الشعب الإسرائيلي”، زاعماً أن هناك “أقلية مستعدة لتسميم الشعب الإسرائيلي”، وأن المجتمع الإسرائيلي يتجه في “مسار صدام خطير”، على خلفية الاحتجاجات غير المسبوقة التي تشهدها البلاد.

قال نتنياهو في كلمته، التي تتزامن مع إضرابات واسعة شلت البلاد: “أنا أعي التوتر الهائل الذي يتراكم بين طرفي الشعب، وأصغي إلى رغبة الكثير من المواطنين بتهدئة الوضع”، لافتاً إلى “وجود أقلية متطرفة مستعدة لأن تمزق دولتنا لأجزاء، وهذا غير مقبول”.

حرب أهلية

كما لفت إلى أن هذه الأقلية “تستخدم العنف وتشعل النيران وتحرّض على حرب أهلية، كما تنادي برفض الخدمة العسكرية، وهذه جريمة فظيعة”.

ووصف نتنياهو، رفض الخدمة العسكرية، بأنه “نهاية دولتنا”، مطالباً قادة الأجهزة الأمنية والجيش بـ”معارضة ظاهرة رفض الخدمة العسكرية وعدم استيعابها وتفهمها”.

وأفادت مصادر رسمية في القدس، بأن نتنياهو اتخذ قراراه، رغم الخلاف داخل الائتلاف الحاكم، ويبقى فقط الإعلان عنه.

ولفت إلى أن القرار قد تكون له تبعات، خصوصاً بعدما هدد وزير العدل ياريف ليفين  بالاستقالة من المنصب، ثم أعقب ذلك تهديد وزير الأمن الداخلي الإرهابي إيتمار بن غفير بالاستقالة من الحكومة في حال التراجع عن الإصلاحات القضائية.

وأوضحت المصادر، أن المعلومات المتوفرة تفيد بأن وزير العدل لن يقدم على الاستقالة رغم تهديده بذلك، فيما قد يمضي وزير الأمن الداخلي قدماً في استقالته، لكن دون القيام بخطوات تؤدي إلى سقوط الحكومة، إذ من المقرر أن يدعم الحكومة من الخارج لتفادي سقوطها والعودة إلى الانتخابات.

إضراب عام وفوري

في غضون ذلك، استمر توافد المتظاهرين إلى القدس للمشاركة في مظاهرات مقررة أمام الكنيست والمحكمة العليا.

ودعا الاتحاد العام لنقابات العمال في إسرائيل “الهستدروت”، الإثنين إلى “إضراب عام” وفوري، ردا على مشروع إصلاح القضاء الذي باشرت به الحكومة منذ أيام

وقال رئيس “الهستدروت” أرنون بار-دافيد في كلمة متلفزة: “أدعو إلى إضراب عام (..) بعد هذا المؤتمر الصحافي، ستتوقف الحركة في دولة إسرائيل”. وأضاف “لدينا مهمة، علينا وقف هذه العملية التشريعية وسنقوم بذلك”، متعهدا “مواصلة الاحتجاج”. جاءت الدعوة إلى الإضراب العام بعد ساعات من نداء للرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ لوقف عاجل لهذه الإصلاحات.

وقالت صحيفة “هاآرتس” إن الإضراب أدى إلى تعطيل الحركة في مطار بن جوريون وأن عمليات الإقلاع والهبوط من المطار الرئيسي في إسرائيل علقت الاثنين.

وأعلنت نقابة الأطباء العامة الإسرائيلية، الإضراب إلى حين التوصل إلى “آلية جدية لإدارة الحوار بين الطرفين للاتفاق على إصلاحات مشتركة”.

وأعلن مسؤولون بميناءي حيفا وأسدود توقف العمل وسط إضراب العمال.

مظاهرات اليمين الفاشي

وأشارت المصادر، إلى قلق من حدوث أعمال عنف، بعد صدور دعوات من جانب قوى يمينية فاشية إلى القيام بتظاهرات مضادة مساء الاثنين، في نفس مكان انعقاد المظاهرات المناهضة للتعديلات القضائية، وهو ما يثير مخاوف من حدوث مواجهات بين المتظاهرين.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية (كان) قد أعلنت أن نتنياهو سيعلن تجميد التعديلات القضائية المثيرة للجدل في خطاب متلفز في العاشرة والنصف بالتوقيت المحلي، بعد ليلة شهدت اشتباكات عنيفة بين المحتجين والشرطة، قبل أن يعلن التليفزيون الإسرائيلي تأجيل الخطاب.

وعقب الإعلان عن نية نتنياهو، تعليق التعديلات في خطابه، كتب الإرهابي إيتمار بن غفير الشريك في الائتلاف الحاكم في إسرائيل على تويتر أنه يتعين على الحكومة المضي في التعديلات القضائية وألا “ترضخ للفوضى”، وذلك بعد احتجاجات حاشدة الليلة الماضية، وفق ما نقلت “رويترز”.

ورغم ذلك، أظهر التلفزيون الخاص بالكنيست الإسرائيلي أن لجنة المراجعة بالبرلمان وافقت الاثنين، على مشروع قانون رئيسي ضمن التعديلات القضائية، وهو ما يمهد الطريق أمام تصويت محتمل لإقراره، وفق “رويترز”.

وخلال جلسة عاصفة للجنة الدستورية حول مشروع القانون الذي من شأنه أن يضمن للائتلاف الفاشي القومي الذي يقوده نتنياهو سلطة أكبر على تعيين القضاة، قام نائب معارض بإلقاء علم إسرائيلي على رئيس اللجنة احتجاجاً على ذلك.

السفارات تنضم للإضراب

وأظهرت رسالة لنقابة العاملين في وزارة الخارجية الإسرائيلية اطلعت عليها “رويترز” أن السفارات الإسرائيلية في أنحاء العالم تلقت تعليمات بالانضمام إلى إضراب الاثنين، ضد خطة التعديلات القضائية.

وقالت الرسالة، التي أشارت إلى إضراب عام في إسرائيل أعلنه اتحاد العمال (الهستدروت)، إن أنشطة وزارة الخارجية في إسرائيل وخارجها ستقتصر على خدمات الطوارئ.

عودوا إلى صوابكم

بدوره، دعا الرئيس الإسرائيلي الاثنين، إلى وقف الإصلاحات القضائية “فوراً”، وقال على تويتر: “من أجل وحدة شعب إسرائيل، ومن أجل التحلي بالمسؤولية، أدعوكم لوقف تشريع الإصلاح القضائي فوراً”.

وتابع: “أتوجه لزعماء التكتلات في الكنيست، والتحالف الحاكم، والمعارضة، بأن يضعوا مواطني هذا البلد أولاً وقبل كل شيء. وأن يعملوا بمسؤولية وشجاعة دون تأخير. عودوا إلى صوابكم. هذه ليست لحظة سياسية، هذه لحطة لإظهار القيادة والمسؤولية”.

وأضاف: “لقد شهدنا ليلة صعبة. أخاطب رئيس الوزراء، وأعضاء الحكومة والتحالف الحاكم: المشاعر متأججة، والقلق يساور الأمة. الأمن والاقتصاد والمجتمع محل تهديد. أعين الشعب عليكم، وكذلك أعين الشعب اليهودي بأكمله، وأعين العالم كله”.

وأقال نتنياهو، وزير دفاعه مساء الأحد، بعدما طالبه الأخير بوقف مشروع تعديل النظام القضائي المثير للجدل في إسرائيل، والذي تسبب في موجة واسعة من الاعتراضات، وأجج احتجاجات غير مسبوقة في إسرائيل طوال أسابيع مضت.

وقال جالانت السبت، إن “الانقسام الداخلي المتفاقم بشأن التعديل القضائي في تل أبيب يمثل خطراً مباشراً على أمن إسرائيل”، مشدداً على ضرورة “وقف قانون التعديل القضائي”. وعقب إقالته الأحد، قال جالانت، إن “أمن إسرائيل كان دائماً وسيبقى دائماً مهمة حياتي”.

وخرج آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع، مساء الأحد، وأغلقت حشود ضخمة الطريق السريع الرئيسي في تل أبيب، واخترق محتجون، حواجز أمنية قرب منزل نتنياهو في القدس.

اشتباكات عنيفة

واندلعت اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، بعدما حاولت قوات الأمن تفريق المتظاهرين على طريق أيالون السريع في تل أبيب، بعد مرور خمس ساعات على اندلاع التظاهرات. وقالت “جيروزاليم بوست” إن 3 شرطيين جرحوا في الاشتباكات.

وعطل آلاف المتظاهرين حركة المرور، وأحرقوا إطارات السيارات وأقاموا حواجز بالحجارة والحديد على طريق أيالون السريع وعدة أماكن أخرى، وفقاً لبيان عن الشرطة الإسرائيلية.

وقالت “جيروزاليم بوست” إن الشرطة لم تكن متواجدة بشكل مباشر خلال أغلب التظاهرات، ولكنها سعت إلى تأمين محيطها. وأغلقت الشرطة عدة طرق مؤدية إلى أماكن التظاهرات، مع إغلاق بعض الطرق في الاتجاهين.

وبعد مرور أكثر من 5 ساعات وصلت قوة ضخمة من الشرطة إلى تل أبيب، وحاولت تفريق المتظاهرين بمدافع المياه، فيما حاولت قوات الخيالة وقوات مكافحة الشغب فتح الطرق المغلقة، وإبعاد المتظاهرين، وفقاً لـ”جيروزاليم بوست.

عدة قطاعات تضرب عن العمل

وتصاعدات دعوات الإضراب بين الأطباء والأكاديميين والطلاب، بعد إقالة وزير الدفاع. وأعلن عشرات الأطباء عزمهم الامتناع عن الذهاب إلى العمل الاثنين، بدعوى “المرض” في بيان.

وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” إن هناك مخاوف من نقص عدد الأطباء في المستشفيات بشكل يحد من قدرتها على العمل بكامل طاقتها.

وأعلن عدد من الباحثين والأكاديميين الإسرائيليين وقف التدريس بدءاً من الاثنين، وفق ما قرره مجلس ممثلي الجامعات البحثية في اجتماع متأخر الأحد عقب الإقالة.

وقال الأكاديميون في بيان: “نحن رؤساء الجامعات البحثية، والعمداء والإدارة، سوف نتوقف عن التدريس في كل جامعات إسرائيل بدءاً من صباح الاثنين، على خلفية استمرار العملية التشريعية (الإصلاحات القضائية) التي تقوض أساس الديمقراطية الإسرائيلية، وتهدد وجودها”.

وأعلن المجلس الوطني للطلاب والشباب، الإضراب صباح الاثنين، داعياً المسؤولين المنتخبين إلى وقف الإصلاحات القضائية وبدء مفاوضات على الفور.

وأعلن عدد من الاتحادات العمالية الانضمام إلى التظاهرات المقررة الاثنين، بينها اتحاد عمال التجارة، واتحاد الصناعيين، واتحاد المقاولين.

ويخطط عدد من رؤساء السلطات المحلية في أرجاء إسرائيل من مختلف الأطياف السياسية للدخول في إضراب عن الطعام أمام مكتب رئيس الوزراء، حسبما أعلنوا مساء الأحد.

وقالوا في بيان: “يدعو رؤساء السلطات المحلية لوقف التشريع، وعقد مفاوضات للسماح للبلد بمواجهة التحديات الأمنية الضخمة التي تواجهها. نحن نطالب الحكومة، مع اقتراب موعد عيد الفصح، والأعياد الوطنية بمنع أي ضرر بأمن البلاد، وتماسكها ووحدة شعبها”.

التعديلات القضائية

ويصر نتنياهو على إقرار التعديلات، التي تقلص صلاحيات المحكمة العليا، وتسمح بتدخلات حكومية على تشكيل هيئة المحكمة، على الرغم من الاعتراضات على مشروع القانون.

وتسببت التعديلات المقترحة في جدل وانقسام وأثارت احتمال تقلص الأغلبية البرلمانية التي تحظى بها الحكومة، وتفاقمت الانشقاقات في حزب رئيس الوزراء وحكومته، بسبب الضغوط الناجمة عن احتجاجات حاشدة غير مسبوقة مستمرة منذ أشهر نظمها إسرائيليون يرون أن التعديلات تعرض استقلال المحاكم والقضاء للخطر.

في المقابل يرى نتنياهو، الذي يخضع لمحاكمات بتهم فساد لكنه ينفيها، أن التعديلات ستحقق توازناً بين دوائر الحكم في إسرائيل.

ومن المقرر طرح مشروع قانون أساسي يمنح الائتلاف الحاكم مزيداً من السيطرة على تعيين القضاة، في الكنيست للتصديق عليه، هذا الأسبوع.

ولنتنياهو وحلفائه 64 مقعداً من إجمالي مقاعد الكنيست البالغ عددها 120، لكن وجود معارضة من داخل الليكود يلقي بظلال الشك على ما إذا كان هذا التصويت، الذي لم يتحدد له موعد نهائي بعد، سيجرى من الأصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى