حركة النهضة الإخونجية تجنّد أحزاب تونسية لخوض معركتها مع الدستوري الحر

استطاعت حركة النهضة الإخونجية في أن تنقل خصومتها مع عبير موسي إلى بقية الأحزاب، في مناورة جديدة من الحركة تستهدف تشويه خصم قوي مثل موسي، بهدف إرباكها وتشويه صورتها لدى الرأي العام المستاء من تواصل التجاذبات السياسية وإهمال مشاغل الشارع الحقيقية.

وتوسعت دائرة الهجوم الذي يتعرض له الحزب الدستوري الحر (ليبرالي معارض) بزعامة عبير موسي تحت قبة البرلمان لتشمل أحزاب مثل حزبي حركة الشعب وقلب تونس، بعد أن كانت خلافات الحزب تقتصر على صراعها العلني مع حركة النهضة الإخونجية.

وكثيرا ما شهد البرلمان التونسي خلال الأشهر الماضية تلاسنا بين نواب الدستوري الحر ونواب آخرين أغلبهم من حركة النهضة وائتلاف الكرامة، لكن موسي التي عرفت بمعارضتها الشرسة لمشاركة الإخوان في الحكم، باتت، مؤخرا في مرمى الاستهداف من قبل أغلب الكتل النيابية.

واتهمت النائبة ليلى حداد القيادية بحزب حركة الشعب موسي بتعطيل أشغال البرلمان، كما طالب حزب قلب تونس “بتنفيح النظام الداخلي وإنشاء مدونة سلوك للحد من مظاهر العنف واستعمال الجلسات العامة كمنبر لتصفية الحسابات السياسية الضيقة”.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن النائبة ليلى الحداد قولها إنّ “عبير موسي تتعمّد خلق المشاكل ومواجهة كلّ النواب وغايتها إيقاف العمل داخل البرلمان”.

وأشارت حداد إلى أنّ “كافّة اللّجان في البرلمان تقوم بواجبها ولكن أثناء الجلسات العامّة لتمرير القوانين هناك كتلة لها إرادة قويّة ”في شلّ عمل البرلمان وترذيله” في إشارة إلى الحزب الدستوري الحرّ. وواصلت النائبة عن الكتلة الديمقراطيّة وهو تحالف (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) هجومها بالقول “موسي لها خطّة ممنهجة لإسقاط كلّ الجلسات في البرلمان وإفشال المشهد النيابي في تونس”.

وشهد البرلمان، الأربعاء الماضي، جلسة صاخبة نتيجة التلاسن بين الحزب الدستوري الحر وحزب ائتلاف الكرامة المحافظ بلغ حدّ تكفير موسي، في خطوة أثارت استياء محلي واسع. كما تواصلت الحرب الكلامية بعد اندلاع تلاسن حاد بين موسي والحداد.

وأبدت الأحزاب تضامنها مع الحداد إضافة إلي دعمها راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الذي يرأس البرلمان في مواجهة انتقادات موسي.

وتعرف موسي منذ سنوات بمواقفها المناوئة لحركة النهضة الإخونجية التي تحمّلها مسؤولية ما حل بتونس من أزمات منذ 2011 وتتهمها علانية بدعم الإرهاب.

وأعلن بيان صادر عن البرلمان، الخميس، أن “رئيسه استقبل مجموعة من النائبات من مختلف الكتل النيابية ومن المستقلين”.

وجاء في بيان المجلس “عبرت مجموعة النائبات عن تضامنها مع رئيس البرلمان والنائبة ليلى الحداد، أمام محاولات التهجم التي تعرضا لها من قبل كتلة الحزب الحر الدستوري”. وأضاف البيان أن “الحضور أجمع على ضرورة استنكار ما يتعرض له النواب من تهجّم وحملات تستهدفهم على مواقع التواصل الاجتماعي والتصدي لظواهر العنف والتهديد المُمنهج لمُمثّلي الشّعب ومحاولات تعطيل أشغال المجلس وترذيل المشهد البرلماني”.

ويقول المراقبون أن حركة النهضة تحاول تضييق الخناق على موسي، ويبدو أنها جندت بعض الأحزاب ضدها، بحجة تعطيل موسي لعمل البرلمان.

ويعتقد المراقبون أن النهضة تقود الجهود لإضعاف موسي، بصرف النظر عن الأزمة الداخلية الحادة التي تعصف بها إثر استقالة، عبدالحميد الجلاصي، أحد أبرز قياديها.

ويلاحظ هؤلاء أن النهضة تعمل على شق صفوف خصومها وهي استراتيجية سبق أن اعتمدتها الحركة لمواجهة أحزاب وازنة بالمشهد.

وتكشف دعوة الغنوشي إلى مصالحة وطنية شاملة خلال لقائه الأسبوع الماضي محمد الغرياني الأمين العام السابق للتجمع الدستوري، عن إظهار موسي كمعرقل للمصالحة الوطنية.

وقال محمد الغرياني، “هناك تيار كبير داخل العائلة الدستورية يدفع باتجاه المصالحة الوطنية ورفض الإقصاء”.

وفيما يؤكد الغرياني التقاء الأحزاب حول المصالحة الوطنية، يعتقد مراقبون أن الأحزاب لا تبحث عن المصالحة بقدر مساعيها لإعادة التموقع في المشهد السياسي الجديد.

وأشار المحلل السياسي فريد العليبي إلى أن “حركة النهضة تعودت على شق صفوف خصومها بتقريب البعض وتوجيههم ضد البعض الآخر”.

وشرح “ما تقوم به النهضة مع الدستوريين قامت به سابقا مع نداء تونس بتوجيه يوسف الشاهد ضد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي كما وقع مع اليساريين بتوجيه حمة الهمامي ضد آخرين والآن تتوجه إلى المعسكر الدستوري بنفس التكتيك معتمدة على تقديم هدايا للبعض على حساب البعض الآخر وهذا التكتيك حقق بعض النجاح، فهناك من يتقبل تلك الهدايا بحثا عن التموقع االسياسي”.

والجمعة، جدد الغنوشي اتهامه لنواب من كتلة “الحزب الدستوري الحرّ” (ليبرالي معارض) بتعمد استغلال ثغرات في القانون الداخلي للبرلمان من أجل عرقلة نشاطه.

وقال الغنوشي، إنّ “هناك ثغرات استفاد منها بعض النواب لإرباك عمل مجلس نواب الشعب (البرلمان) وبالتالي المطلوب من رئاسة المجلس توفير الظروف الكاملة لعمل المجلس في أحسن الظروف”.

 ودعا مكتب البرلمان، الذي تهيمن عليه حركة النهضة، مؤخرا، إلى تنقيح النظام الداخلي من خلال تشكيل لجنة للنظر في تنقيح الفصل 131 الذي يحدّد حالات تأجيل الجلسات العامة، وطلب من لجنة النظام الداخلي استعجال النظر فيه.

 

 

الأوبزرفر العربي- تونس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى