محمود عباس يشهر سيف العقوبات في وجه أبناء حركته

حالة ذعر في أوساط قيادته بسبب القوائم المستقلة

كشفت مصادر مطلعة من داخل حركة فتح، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سيدفع باتجاه فرض عقوبات على عضو اللجنة المركزية في الحركة، ناصر القدوة بعد قراره الترشح في قائمة انتخابية مستقلة عن الحركة وغيره من القيادات التي تفكر في تشكيل قوائم.

ومن المرجح أن تشهد حركة فتح التي يرأسها عباس، المزيد من التصدع بين قياداتها مع اقتراب موعد إغلاق باب تقديم القوائم الفلسطينية التي ستخوض الانتخابات التشريعية التي ستجرى في مايو المقبل والانتخابات الرئاسية في يوليو القادم.

ناصر القدوة العضو القديم في اللجنة المركزية لحركة فتح أكد أنه لا يعتزم حضور اجتماعات اللجنة المركزية لحركة فتح.

وأضاف القدوة، ابن شقيقة الراحل ياسر عرفات مؤسس حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، أن الفلسطينيين “سئموا الوضع الحالي، سواء التصرفات أو سوء التصرفات الداخلية، أمور مثل غياب سيادة القانون وغياب المساواة وغياب العدل”.

وتوقعت مصادر فلسطينية مطلعة أن العقوبات التي توعّد بها عباس لن تقتصر على القدوة، وستخرج قوائم جديدة بُعيْد الإعلان عن أسماء قائمة حركة فتح للانتخابات التشريعية.

وأضافت المصادر أن شخصيات فتحاوية محسوبة على القيادي الأسير مروان البرغوثي تراجعت عن نيتها الترشخ للانتخابات بعد أن تعرضت لتهديدات من قبل قيادات الحركة واجهزة الامن التابعة لرئيس السلطة.

ومن المقرر إعلان القوائم الحزبية للانتخابات التشريعية بحلول العشرين من مارس الحالي.

ويحكم عباس (85 عاما) رئيس السلطة الفلسطينية في المناطق الخاضعة للحكم الذاتي في الضفة الغربية المحتلة بمراسيم منذ أكثر من عشر سنوات.

وتتوالى المراسيم والقوانين التي يصدرها الرئيس عباس بهدف عرقلة عملية ترشح قادة من فتح للانتخابات، وكذلك لقطع الطريق على تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يتزعمه محمد دحلان، وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدمه بشكل مقلق لرئيس السلطة.

وأظهرت هذه المراسيم ارتباكا لدى إدارة رئيس السلطة الفلسطينية والحلقة الداعمة له التي لا تخفي قلقها من تزايد قياديّي فتح الذين يرغبون في خوض الانتخابات ضمن قوائم مستقلة.

وتتركز المعركة الآن مع ناصر القدوة الذي أصر على خوض الانتخابات خارج القائمة الرسمية غير المعروفة حتى الآن لحركة فتح.

ويرى القدوة وآخرون داخل الحركة أن قائمة عباس لن تلبي شرط الوجاهة والجدارة اللتين تحتاجهما فتح في هذه الانتخابات.

وبدلاً من أن يرى عباس في تعدد قوائم حركة فتح عنصرا إضافيا يمكن جمعه في حال تعثرت قائمته، يتصرف وكأن القائمة التي سيخرج بها ستلقى تأييدا شعبيا، وأن القوائم الأخرى ستخصم من رصيدها.

وشبهت قيادات من داخل حركة فتح النداءات التي تصدر من الحلقة المقربة من الرئيس عباس بـ”المذعورة” وهي تطالب بالالتزام بـ”قائمة الحركة” وعدم الخروج عنها واعتبار من يخرج عنها متمردا وسيفصل من فتح.

وتساءلت مصادر فلسطينية مقربة من حركة فتح “مِمّنْ الذعر، إذا كانت حماس نفسها المنافس التقليدي لحركة فتح قد أصبحت لدى فريق عباس أليفة ويُرجى الاندماج معها في قائمة واحدة؟”.

وعزت المصادر نفسها القلق داخل فريق الرئيس الفلسطيني إلى المخاوف من صعود تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح كقوة رئيسية، ويحصد على المزيد من التأييد الشعبي.

ويرى الكثير من الفلسطينيين أن على أقطاب السلطة أن يسألوا أنفسهم: ما هو رصيد الحركة من الثقة بنفسها، إن كانت ترى مقتلها في قائمة تجتهد، وستكون في المحصلة لصالحها؟

وأدت محاولة انشقاق من أحد حلفاء عباس في الحركة إلى تزايد التكهنات بأنه قد يلغي انتخابات الرئاسة خشيةَ تحدّ محتمل من مروان البرغوثي المسجون في إسرائيل وهو من القيادات الفلسطينية التي تحظى بشعبية.

وينفي مكتب عباس أنه يعتزم تأجيل انتخابات الرئاسة أو إلغاءها.

وقال القدوة (67 عاما) إنه يأمل أن يكون على رأس قائمته البرغوثي، وهو من قيادات حركة فتح التي طُرحت أسماؤها لخلافة عباس منذ فترة طويلة.

ولم يحدد البرغوثي ما إذا كان سينضم إلى القائمة أو سيخوض انتخابات الرئاسة. ورفض هو ومحاميه طلبا لإجراء حوار معه.

غير أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيفوز بفارق مريح على عباس وقيادات حركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ انتزعت السيطرة على القطاع من حركة فتح في 2007.

وقال دبلوماسيان غربيان إن دولا أوروبية تحث عباس على عدم التراجع عن الانتخابات التي وعد بها.

وقال أحدهما “ثمة مخاوف من أن عباس قد يرى حلا وسطا في السماح بإجراء الانتخابات التشريعية وفي الوقت نفسه تأجيل الانتخابات الرئاسية أو إلغائها”.

وبدا النظام السياسي الفلسطيني كما لو أنه دخل حالة من التسلط والانفراد بالحكم، حيث ضاقت قاعدة اتخاذ القرار وتوسعت الهوة بينه وبين المجتمع بكل فئاته.

وعزز رئيس السلطة محمود عباس هذا التسلط بالسيطرة الكاملة على حركة فتح حزبه الحاكم وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، في مؤتمرين عامين، كرس فيهما تحالف طبقة السلطة الفاسدة مع طبقة طفيلية تجارية، تعتاش من علاقتها الزبائنية مع الاحتلال الإسرائيلي والسلطة.

وأرجع محمد مشارقة مدير مركز تقدم للسياسات في لندن “الصحوة الديمقراطية” بين بعض القيادات الفلسطينية إلى التحولات العالمية التي من أهمها انتقال الحكم في الولايات المتحدة إلى الحزب الديمقراطي، وعقد حركة فتح ترتيبات مع حركة حماس التي تختطف الحكم في قطاع غزة وُصفت بتوافقات القياديين جبريل الرجوب وصالح العاروري الموقعة في إسطنبول، للحفاظ على مصالح فئة ضيقة من المتحكمين في السلطتين.

وقال مشارقة، “تشهد الحالة الفلسطينية توترا غير مسبوق، واتهامات بالخيانة والتآمر وشق الصفوف، ووصل التحريض إلى حد التهديد بالقتل لكل من يخرج عن طوع اللجنة المركزية، وهو ما أثار قلقا وتخوفا من أن يصل التحشيد والاستقطاب إلى الصدام المسلح، وربما إلى ما هو أبعد من ذلك، بأن تلغى الانتخابات ويستعاض عنها بتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حماس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى