أردوغان متهم بتصفية هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل

جريمة قتل المهندسة الشابة ستتصاعد في المحافل والمنظمات الدولية

تطارد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جريمة حرب موصوفة بعد تصفية هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل بطريقة بشعة أثارت استنكارا سياسيا دوليا وشعبيا.

واتهمت قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد مقاتلين موالين لتركيا بقتل هفرين في كمين على طريق بشمال سوريا، السبت.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له ويتابع الحرب في سوريا إن الجماعات المدعومة من تركيا قتلت تسعة مدنيين على الطريق من بينهم هفرين خلف الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، وهو حزب علماني.

وكشف نشطاء في فيديو تمّ بثه على قناة خاصة في تطبيق تيليغرام، ويتحدث فيه أحد المسلحين قائلا إن من قام بعملية الاغتيال “لواء السلطان” والمدعوم من الجيش التركي والمشارك في المعارك الدائرة حاليا.

 

https://twitter.com/i/status/1183178896923119621

 

ورحبت وسائل إعلام تركية بجريمة مقتل هفرين خلف بوصفها إنجازا عسكريا، ووصفت صحيفة “يني شفق” التركية المقربة من حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه أردوغان جريمة قتل السياسية الكردية السورية بأنها “عملية ناجحة” واصفة هفرين بأنها كانت عضوا في الذراع السياسية لمنظمة “إرهابية”.

وقال حسين عمر منسق حزب سوريا المستقبل في أوروبا إن هفرين كانت عائدة من اجتماع في مدينة الحسكة عندما وقع الهجوم الذي قتل فيه أيضا سائقها وأحد مساعديها. وأضاف أن مسؤولي الحزب ومنهم هفرين لديهم اتصالات مع مسؤولين أميركيين منذ تأسيسه عام 2018.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية في بيان إن مقتل هفرين خلف “يدل بأن هذا الغزو التركي لا يفرق بين عسكري ومدني أو سياسي”.

وبعث مسؤول إعلامي في قوات سوريا الديمقراطية بخارطة ظهر عليها موقع الحادث على طريق إم فور السريع جنوب شرقي تل أبيض. وتساءل دبلوماسي عربي “كيف سيغطي أردوغان على جريمة تصفية رئيسة حزب سوريا المستقبل”.

وقال من العاصمة اللبنانية بيروت، “تلك جريمة حرب موصوفة بثت وقائعها، تمت فيها تصفية امرأة مدنية وسياسية معروفة ومهندسة وفق تعليمات تركية لا لبس فيها”.

وعبر عن ثقته بأن تداعيات جريمة قتل المهندسة الشابة ستتصاعد في المحافل والمنظمات الدولية، لأنها جريمة حرب لا تقبل اللبس، والمتهم بها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

ونددت الخارجية الأميركية بمقتل الأمينة العامة لحزب “سوريا المستقبل” هفرين خلف على يد القوات الموالية لتركيا.

وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية “تابعنا بقلق بالغ التقارير عن مقتل السياسية الكردية هفرين خلف، واعتقال عدة مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية”.

وهفرين من مواليد مدينة المالكية عام 1984، ودرست الهندسة الزراعية بجامعة حلب وتخرجت عام 2009. وشغلت عدة مناصب منها نائب رئيس هيئة الطاقة في إقليم الجزيرة وتولت رئاسة هيئة الطاقة عام 2016، وسياسيا تم انتخابها أمينا عاما لحزب سوريا المستقبل خلال المؤتمر التأسيسي للحزب الذي أسسته قوات سوريا الديمقراطية.

وبدأت تركيا وحلفاؤها من المعارضة السورية المسلحة هجوما على المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا، الأربعاء.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية قالت في وقت سابق إن من وصفتهم بمرتزقة الجيش التركي قتلوا عددا من المدنيين على الطريق بعد أن تسللوا إلى المنطقة.

وكان حزب سوريا المستقبل قد تأسس في احتفال بمدينة الرقة ورئيسه سياسي عربي من مدينة منبج. وقال عمر إن الحزب مشارك في الحكم الذاتي بمنطقة شمال سوريا.

واعتبر مراقبون أن الانتهاكات التي تمارسها القوات التركية منذ بدء العدوان التركي، ستكون موضع اهتمام من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وأن العواصم الدولية التي سارعت إلى إدانة العمليات العسكرية ستعيد التموضع داخل ما يشبه التحالف الدولي الشامل لإطلاق موجات من العقوبات على تركيا، لإجبارها على وقف عملياتها العسكرية، ووقف العبث الذي تمارسه القوات التابعة لأنقرة والميليشيات السورية الرديفة.

ورأت مصادر دبلوماسية أن الجريمة المقترفة بحق الأمين العام لحزب سوريا المستقبل، لم تكن صدفة وحادثا عرضيا، بل إنها سلوك مخطط وممنهج لتطهير المنطقة من المنابر السياسية الكردية. وأضافت أن عمليات التصفية، تتم بناء على معلومات وكمائن محكمة، تستند على معطيات استخبارية تركية لإبادة حالة الاعتراض التي يمثلها الحراك الكردي داخل كافة التيارات والأحزاب والجماعات السياسية.

ولفت خبراء في الشؤون الكردية إلى أن عمليات التصفية التي تمارس تأتي متعارضة مع المزاعم التركية التي كررت أن الحرب ليست ضد الأكراد بل ضد وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني في تركيا.

ورأى هؤلاء أن التصفيات تعبر عن روحية عنصرية ضد الأكراد كقومية تاريخية في المنطقة، وأن التصفية على الشبهة والهوية ستحول الصراع في هذه المنطقة من مجرد اتخاذ تدابير ميدانية لـ”إبعاد خطر الإرهاب عن الحدود السورية مع تركيا”، إلى تطهير عرقي يمارس ضد الأكراد، خصوصا أن خطط أردوغان لتنفيذ عملية تغيير ديموغرافي ترمي إلى نقل مليونين من اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا إلى هذه المنطقة، يمثل نكبة تاريخية ضد الأكراد في سوريا والمنطقة.

وترجح مصادر دبلوماسية أن تؤدي عمليات التطهير العرقي التي ظهرت أعراضها في الساعات الماضية مع مقتل هفرين خلف إلى توحد الأكراد كقومية بكافة تياراتهم ضد الحملة التركية.

وقالت المصادر إن التيارات الكردية المعارضة للإدارة الذاتية ولحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، بدأت تجاهر برفض الموقف التركي والعدوان الذي تمارسه أنقرة ضد المناطق الكردية والمدنيين الأكراد شمال شرق سوريا.

ويحذر باحثون في الشؤون السورية من حالة الانقسام المجتمعي التي أظهرتها مناطق شمال شرق سوريا، لجهة تطور الموقف دراماتيكيا ليصبح صداما عرقيا بين العرب والأكراد في سوريا، على نحو لا يمكن السيطرة عليه.

ورأى هؤلاء أن الموقف الذي صدر عن وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة، السبت، بعث برسالة واضحة ضد تركيا من جهة، كما ضد ميليشيات المعارضة السورية العربية الموالية لتركيا، مفاده أن سلوك هذه الميليشيات لا يمكن أن يحظى بغطاء عربي، لا بل إن الحملة العسكرية مدانة، وإن النظام السياسي العربي لا يمكن أن يقبل باستهداف الأكراد في سوريا بصفتهم جزءا أصيلا من تاريخ المنطقة وثقافتها وتنوعها.

وتحذر أوساط تركية معارضة من أن تحول العدوان التركي إلى حرب ضد الأكراد سيحدث تحولا خطيرا في موقف أكراد المنطقة برمتها ضد أنقرة.

ورأت هذه الأوساط أن الأكراد في إيران والعراق يظهرون تبرما وغضبا من العمليات العسكرية التركية التي تستهدف الأكراد في منطقة العمليات التركية في سوريا، فيما قد ينقل الأكراد المعركة إلى داخل تركيا باعتبارها السبيل المنطقي لوقف المجزرة التي تستهدف أكراد سوريا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى