حراك في “نداء تونس” لإعادة الحزب كقوة رئيسية في البلاد

أعلن نداء تونس في بيان مقتضب له، الثلاثاء، إلى أنه قرر تعليق “كلّ الأعمال التحضيرية لمؤتمر الحركة وتأجيل عقده” إلى الـ14 من يونيو 2020، وذلك بسبب الوضع الذي تعيشه البلاد بسبب انتشار فايروس كورونا.

كما أعلن عن تشكيل هيئة سياسية مؤقتة تتولى الإعداد لمؤتمر استثنائي تضمّ قيادات تاريخية للحزب عملت مع الرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي بصفته الرئيس المؤسس للحزب وسط حراك في محيط نداء تونس يهدف إلى إعادة النداء إلى مساره كقوة رئيسية في البلاد.

كما قرّر، وفق البيان “تكوين هيئة سياسية وقتية لتسيير الحزب وتوفير شروط نجاح المؤتمر الاستثنائي التوحيدي”، برئاسة خميس الجهيناوي وزير الخارجية السابق. كما تضم أسماء بارزة مثل منذر بالحاج علي ورضا بلحاج وعبدالستار المسعودي وأحمد ونيس وخالد شوكات.

وقالت أوساط مقرّبة من الحزب إن تأجيل المؤتمر سيعطي فرصة لنداء تونس لإجراء حوارات واسعة بين قياداته الحالية، والقيادات التي انشقت عنه ولديها رغبة في العودة إليه بعد فشل التجارب السياسية التي خاضتها.

وأشارت هذه الأوساط إلى وجود حالة من التفاؤل بعودة الحزب إلى مساره الأول كقوة رئيسية في البلاد، كاشفة عن مساع تقوم بها بعض القيادات لإعادة استقطاب شخصيات خرجت من “النداء” سواء شخصيات سياسية أو برلمانية سابقة وحالية.

لكنّ متابعين للشأن التونسي حذّروا من أن الرغبة في استعادة الحزب لا تكفي وحدها لاستقطاب المناضلين القدامى أو إقناع شخصيات وطنية مؤثرة بدخول نداء تونس، مشددين على أن يتم تفكيك الأسباب التي قادت إلى الانشقاقات وعلى رأسها القيادة الفردية وغياب المؤسسات الحزبية التي تتم فيها صياغة القرار والاتفاق عليه بأسلوب ديمقراطي يرضي الجميع.

واعتبر المتابعون أن وجود شخصيات ذات إشعاع مثل وزير الخارجية السابق الجهيناوي يمكن أن يساعد الحزب على استعادة ثقة أنصار نداء تونس الذين تخلوا عنه والتحقوا بمجموعات سبق ان انشقت، لكن الأهم أنه يعيد ثقة الدوائر التونسية المؤثرة في الشأن العام ، كما الجهات الخارجية المهتمة بالشأن التونسي.

وتحتفظ مختلف هذه الدوائر بانطباعات جيدة عن نداء تونس سواء بتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد، والحد من نفوذ الإخونجية المتعاظم، والنجاح في إدخالهم ضمن التوافق بما دفعهم إلى تقديم تنازلات رغم ردود الفعل الغاضبة على هذا الخيار.

وتتوقع أوساط تونسية أن تنجح الهيئة السياسية المؤقتة لنداء تونس ورئيسها الجهيناوي في توجيه رسائل طمأنة إلى مختلف المنشقين عن الحزب وتشجيعهم على العودة، وهذا هو التحدي الأهم، ومن هذه الرسائل ما يتعلق بالمؤتمر القادم، وطريقة الوصول إليه خاصة ما تعلق بأسلوب تصعيد النواب، وهل سيتم بشكل اعتباطي ووفق العلاقات الخاصة، أو وفق انتخابات نزيهة محليا وعلى مستوى المحافظات، وهي نقطة الخلاف الرئيسية التي قادت إلى تفكك نداء تونس في مختلف مراحله.

وسيكون لتوجهات المؤتمر واللوائح التي سيخرج بها دور مهم في إنجاح خيار المصالحة بين مكونات النداء، خاصة بتحديد موقف واضح من التحالفات السياسية وتجاوز الآثار السلبية للتحالف مع حركة النهضة في فترة الباجي قائد السبسي، ما أدى إلى انسحابات كثيرة وانحسار في شعبية الحزب.

وتعتقد الأوساط السابقة أن الاختبار الحقيقي لنجاح الهيئة السياسية الوقتية هو شكل الحوار مع المنشقين، هل سيتوجه للأفراد سواء كأنصار عاديين أو قيادات، أم سيتم مباشرة مع المجموعات المنشقة مثل “مشروع تونس” بقيادة محسن مرزوق، أو “تحيا تونس” بقيادة يوسف الشاهد، فضلا عن “قلب تونس“، الذي يرأسه نبيل القروي، وهو أحد القيادات المؤسسة في نداء تونس.

وسيضفي الحوار مع المجموعات المنشقة قيمة أكبر لخيار المصالحة داخل نداء تونس لكونه يحمل اعترافا بأن الانشقاق لم يكن خيانة، وإنما هو ردة فعل على أوضاع كانت صعبة. كما يعطي دفعا قويّا لأفكار الحزب وبرامجه كحزب وسطيّ يجمع أنصار الدولة الوطنية سواء من عملوا في التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس خلال فترة زين العابدين بن علي، أو القيادات التي عاصرت فترة حكم الحبيب بورقيبة.

ويبدو أن خيار إعادة ترتيب أوضاع نداء تونس سيستفيد من الأزمات الداخلية للمجموعات المنشقة التي قد تجد في دعوة النداء إلى المصالحة من طرف قيادات في حجم الجهيناوي أو بلحاج أو ونيس بمثابة قشة نجاة تمكنها من الخروج من أزمتها.

 

 

 

الأوبزرفر العربي- تونس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى