الحكومة الفرنسية تباشر بحل الجمعيات الإخونجية

وتضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون مناهضة "الانعزالية الإسلامية"

وضعت الحكومة الفرنسية، خلال هذا الأسبوع، اللمسات الأخيرة على مشروع قانون مناهضة “الانعزالية الإسلامية”، مما يوحي بأن الحملة الفرنسية ضد جماعات “الإسلام السياسي” لن تتوقف عند بعض الإجراءات الإدارية.

وتم إخطار مسؤولي جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا” ببدء إجراءات الحل، تماشيا مع تعليمات الرئيس ماكرون ورئيس الوزراء جان كاستكس، مشيراً إلى أن لدى مسؤولي الجمعية 8 أيام للدفاع عن أنفسهم، بحسب ما أعلن وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، الجمعة الماضي.

من جهتها، أعلنت الجمعية، عبر صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك، نقل معظم أعمالها إلى الخارج، منذ توقيف أنشطتها في 29 أكتوبر الماضي، بعد أن اتهمتها السلطات الفرنسية بالتورط في شن حملة ضد المدرس صامويل باتي، الذي قتل ذبحاً في 16 من الشهر ذاته

ويعتبر “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” إحدى المنظمات التابعة لتجمع مسلمي فرنسا، الفرع الفرنسي لجماعة الإخونجية، الذي كان يعرف لسنوات باسم “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا”.

وكان الرئيس الفرنسي أعلن في أعقاب مقتل المدرس باتي عن حل جماعة تطلق على نفسها اسم “الشيخ أحمد ياسين“،  قال إنها “ضالعة مباشرة” في الهجوم الذي تسبب في مقتل مدرس التاريخ.

وقال ماكرون إن “جماعة الشيخ ياسين يجري حلها خلال مجلس الوزراء”، مؤكداً أن العديد من الجمعيات الدينية التي وصفها بـ”المتطرفة”، ستلاقي المصير نفسه.

كما حلت  الحكومة الفرنسية جمعية “بركة سيتي”، المقربة من التيار السلفي، وقامت وبإغلاق جامع مدينة بانتان، شمال باريس، المقرب من جماعة الإخوان، بسبب التحريض على المدرس صامويل باتي قبل مقتله.

وفي بداية نوفمبر قررت وزارة الداخلية الفرنسية حلّ حركة الذئاب الرمادية التركية القومية، على خلفية ترويجها للكراهية وارتكاب أعمال عنف على التراب الفرنسي.

وتتسارع خطوات إدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، نحو مواجهة مفتوحة مع ما يسمى بتيار “الإسلام السياسي” داخلياً وخارجياً، سيما الفرع الفرنسي لجماعة الإخونجية، بعد قرار حلّ “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا”، وثلاث منظمات مقربة من الجماعة.

وتشمل الإجراءات مشروع قانون واسع النطاق يسعى إلى منع التطرف، ومما كُشف عنه الأربعاء إجراءات من قبيل قيود على التعليم في المنزل، وفرض عقوبات أشد على من يرهب المسؤولين الحكوميين لأسباب دينية.

ويجرم مشروع القانون، مشاركة المعلومات الشخصية للأفراد بطريقة تسمح للآخرين الذين يريدون إيذاءهم بتحديد مكانهم.

ويقول حسن شلغومي، رئيس مؤتمر أئمة فرنسا، إن “السياسة الفرنسية الجديدة في مواجهة التيارات المتطرفة وجماعة الإخونجية، وإن جاءت متأخرة بسنوات عديدة، إلا أنني لا أعتقد أنها ستتوقف عند بعض الإجراءات الإدارية، وإنما ستتواصل في اتجاه مكافحة التمويلات المشبوهة لهذه المجموعات وقطع الولاءات الأجنبية لها تماماً”.

ويضيف شلغومي قائلا “لا تملك الحكومة الفرنسية حالياً قوانين تخولها لصراع مفتوح مع هذه التيارات المتطرفة، ولكنه تعتمد فقط على الصلاحيات التي تمنحها لها السلطة الإدارية من خلال القرارات التي يصدرها الرئيس والحكومة ووزارة الداخلية، ولكن بعد تمرير قانون مناهضة الانعزالية سيصبح برنامج مكافحة “الإسلام السياسي” لديه سند قانون قوي ومتين لتسهيل عمل السلطة التنفيذية”

وبحسب اللجنة الوزارية الفرنسية للوقاية من الانحراف والتطرف، فإن هذا المشروع، وإن كان يستهدف “الإسلام السياسي”، فإنه سيشمل كافة الانحرافات الطائفية.

وتقول اللجنة إن “المستهدف ليس الإسلام باعتباره دينا، بل الإسلام السياسي، وهو عقيدة سياسية تهدف إلى فرض السيطرة على المجتمع من خلال تقييد الحريات وتثبيت الشريعة فوق قوانين الجمهورية”.

ووفقاً لمجلة لوبوان، فإن القانون الجديد سيرفع من صلاحيات الخلايا الجهوية الخاصة بمكافحة الإسلام السياسي والانفصالية داخل المجتمع وسيزيد من سلطة المحافظين والولاة.

وتقول مارلين شيابا، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمواطنة لدى وزارة الداخلية في تصريحات صحفية، إن المشروع يعالج كافة المناطق الرمادية في القوانين الموجودة، والتي لا يمكن من خلالها معاقبة المخالفين لقيم الجمهورية.

وتابعت الوزيرة: “رغم الفراغ القانوني، فإن هناك الكثير من الأشياء التي تم القيام بها، حيث استطاعت السلطات خلال الثلاث سنوات الماضية من إغلاق قرابة 250 فضاء، بينها مدارس ومساجد، تبشر بأيديولوجية انفصالية وواجهت خلال ذلك مشاكل حقيقية تتعلق بالسلامة العامة “.

وفي سياق متصل طالب 22 مثقفاً فرنسياً في رسالة مفتوحة موجهة للرئيس ماكرون، بحلّ “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا” الفرع الفرنسي لجماعة الإخونجية.

وجاء في الرسالة: “إن الحكومة الفرنسية تريد مجابهة التطرف والإرهاب دون أن تكافح الإيديولوجيا التي تغذيه وهي إيديولوجيا الإخوان المسلمين، التي تدعو إلى الإسلام السياسي والشمولي”.

وأشارت الرسالة إلى أن مراكز التعليم والتدريب التابعة للجماعة في فرنسا يشرف عليها علمياً يوسف القرضاوي، الممنوع من دخول الأراضي الفرنسية منذ العام 2012، وأن هذه المؤسسات تمولها قطر وتركيا، التي تناصب فرنسا العداء، على حد تعبيرهم.

وقال موقعو الرسالة: “إن فرنسا التي قاومت النازية وهزمتها من واجبها أن تحارب بلا هوادة الأيديولوجية الإسلاموية التي تسلح أولئك الذين يرتكبون هجمات دموية بالأفكار المتطرفة”.

وورد في الرسالة: “إن فرنسا تمر بلحظة تاريخية، فالمسألة تتعلق أساساً بالحفاظ على السلم الأهلي. ويتوقع الفرنسيون من السلطات تحييد المنظرين والمتشددين الإسلاميين الذين يهددونها”.

يشار إلى أن تقريرا صادرا عن مجلس الشيوخ الفرنسي، بداية يوليو الماضي، قد كشف عن أن “مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا” من أجل “إنشاء الخلافة”، ويغذون في بعض المدن “نزعة انفصالية” خطيرة، دون تقديم تفاصيل عن هذه الأعمال.

 

 

الأوبزرفر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى