زعماء “بريكس” يؤكدون ضرورة توطيد الشراكة الاستراتيجية بين دول المجموعة

وتسريع إجراءات توسيع التكتل والسماح بعضوية دول جديدة

أكد زعماء مجموعة “بريكس” على ضرورة توطيد الشراكة الاستراتيجية بين دول التكتل وزيادة الاعتماد على العملات المحلية في المعاملات التجارية والاستثمارية بين دول التكتل، وسط دعوات لتسريع إجراءات توسيع بريكس وتعزيز دوره في العالم.

وانطلقت القمة الـ15 للمجموعة، التي تضمّ البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، في جوهانسبرج الثلاثاء، وتبحث عدة ملفات رئيسية في مقدمتها انضمام دول أخرى إلى المجموعة، وتعزيز استخدام العملات المحلية في التجارة بين الدول الأعضاء.

ودعا الزعيم الصيني شي جين بينغ، خلال الجلسة العامة للقمة، الأربعاء، إلى تسريع إجراءات توسيع التكتل والسماح بعضوية دول جديدة.

وقال إن بلاده تدعو إلى “التوسع السريع وبذل جهود لتعزيز حوكمة عالمية أكثر عدلاً وعقلانية”.

وأشار شي إلى أن الصين تدعم الدور الرئيسي للأمم المتحدة، وكذلك منظمة التجارة العالمية، غير أنه شدد على أن بكين  “تقف ضد التحالفات المغلقة”.

ودعا الزعيم الصيني إلى ضرورة الاستفادة من “بنك التنمية الجديد” الذي أسسته المجموعة، وتطوير الإصلاحات في النظام المالي العالمي.

وتأسس البنك عام 2015 ليكون بديلاً عن مؤسسات دولية مثل “صندوق النقد” أو “البنك الدولي”.

واعتبر الرئيس الصيني أن التنمية حق ثابت لجميع الدول وليست امتيازاً لعدد قليل منها، مشيراً إلى أن بلاده ستعمل مع “كل الأطراف من أجل تأسيس إطار مشترك للتعاون الصناعي والتنمية المستدامة”.

دعم السلام والاستقرار

شي أكد ضرورة توسيع التعاون السياسي والأمني لدعم السلام والاستقرار، محذراً من أن “عقلية الحرب الباردة  لا تزال تطارد عالمنا والوضع الجيوسياسي يزداد توتراً”.

وأضاف أنه “يجب على دول المجموعة أن تحافظ على التوجه القائم على التنمية السلمية وتوطيد الشراكة الاستراتيجية بين دول التكتل”.

ودعا الزعيم الصيني الدول الأعضاء في المجموعة إلى العمل المشترك على تطوير وضمان سلاسل الإمدادات، والعمل على تطوير الاقتصاد الرقمي، والإنتاج والصناعة الخضراء، وتطوير التبادل التجاري والمالي.

وأعلن شي أن بلاده ستعمل على إقامة مجمع حاضن للعلوم والابتكار بين الصين والمجموعة، لافتاً إلى أن دول المجموعة اتفقت على اتخاذ إجراءات سريعة لإطلاق مجموعة دراسة الذكاء الاصطناعي وتوسيع التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.

وشدد على الحاجة إلى “تعزيز التنسيق بشأن القضايا الدولية والإقليمية الكبرى”، قائلاً: “نحن بحاجة إلى بذل مساعي حميدة بشأن القضايا المشتعلة للدفع نحو التسوية السياسية وخفض درجة التصعيد”، في إشارة إلى الأزمة الأوكرانية.

نظام عالمي متعدد الأقطاب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعرب عن دعم بلاده للاعتماد بشكل أكبر على العملات المحلية في المعاملات بين دول المجموعة.

وقال في كلمة عبر الفيديو، إن موسكو تدعو إلى توسيع التسويات بالعملات الوطنية والتعاون بين البنوك.

وأضاف: “نتعامل بشكل حثيث لتطوير سلاسل الإمداد والانتقال إلى العملات الوطنية في التعاملات التجارية، والتحول إلى العملات الرقمية”.

واقترح بوتين على أعضاء المجموعة “تشكيل لجنة للنقل تعنى بمسألة اللوجستيات”، مشيراً إلى أنه “في حال الاتفاق على ذلك، فإن روسيا سترحب برئاسة اللجنة في 2024”.

وأكد أن “المجموعة تؤيد تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب قائم على القانون الدولي، بما في ذلك حق الشعوب في التنمية”.

تعزيز دور بريكس عالمياً

وأعلن بوتين أن موسكو ستستغل رئاستها المجموعة، العام المقبل، لتعزيز دور بريكس في العالم، وستستضيف قمة في مدينة كازان الروسية في أكتوبر 2024.

وأعرب عن تطلعه “لزيادة التعاون بين دول المجموعة في مجال الأبحاث” مشيراً إلى أن “روسيا مستعدة لتبادل التكنولوجيا والتقنيات”.

وأضاف أن روسيا مستعدة كذلك “للعمل مع باقي الدول في المنتديات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة”.

واتهم بوتين، الغرب بالسعي للحفاظ على هيمنته على الساحة الدولية، قائلاً إن ذلك هو “ما أدى إلى ما اندلاع الأزمة الأوكرانية”.

واعتبر أن “الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا يمليها أمر واحد، وهو وضع حد للحرب التي شنها نظام كييف المدعوم من الغرب ضد المواطنين المسالمين”، في إشارة إلى الأوكرانيين الناطقين بالروسية بأقاليم شرقي أوكرانيا، والذين كانوا يطالبون بالانفصال عن أوكرانيا والانضمام إلى روسيا، لافتاً إلى أن روسيا تريد إنهاء حرب “أشعل الغرب وأتباعه فتيلها” في أوكرانيا.

عملة موحدة

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا انتقد “ضعف الحوكمة الدولية”، وقال إنه من غير المعقول أن تتم معاقبة الدول النامية بسبب الارتفاع الهائل لمعدلات الفائدة في الدول الغنية.

وشدد على ضرورة  توفير التمويل بشروط ميسرة وإعادة تفعيل النظام التجاري متعدد الأطراف من أجل توفير تجارة عادلة وغير قائمة على التمييز.

وأضاف: “يمكن للتكتل تقديم بدائل خاصة يمكنها توفير التمويل الميسر”، مشيراً إلى أن خلق عملة موحدة للمعاملات التجارية والاستثمارية بين دول التكتل من شأنها أن ترفع خيارات الدفع وتقلل قابلية التأثير” بمتغيرات النظام المالي العالمي.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن مسؤول رفيع لم تسمه قوله إن “بنك مجموعة (بريكس) يعمل على تطوير عملة رقمية موحدة لدول المجموعة”.

فيما اعتبر رئيس قسم السياسة النقدية في بنك “بريكس” أيفاندو كاسينو أن “إصدار العملة الرقمية سيتم على مراحل، وقد تبصر النور في غضون 5 إلى 10 سنوات”.

لكن المنظمين في جنوب إفريقيا يقولون إنه لن يجري مناقشة مسألة عملة موحدة، وهي فكرة طرحتها البرازيل في وقت سابق من هذا العام كبديل للاعتماد على الدولار.

تداعيات الحرب في أوكرانيا

واعتبر الرئيس البرازيلي خلال كلمته أن العالم عاد إلى عقلية أجواء الحرب الباردة والتنافس الجيوسياسي، وحذر من أن ذلك ينتج حالة من عدم اليقين ويقوض التعددية.

وأضاف أن الأخطار التي يشكلها هذا التحول للبشرية “غير مقبول”.

ولفت إلى أن العالم كله يعاني من تداعيات الحرب في أوكرانيا، غير أن الدول الأقل نمواً هي الأكثر تضرراً، معتبراً أن الحرب في أوكرانيا تعكس محدودية مجلس الأمن الدولي، إذ لا تحظى معظم الصراعات الأخرى بالاهتمام اللازم، على غرار ليبيا وسوريا وفلسطين.

ووصف دا سيلفا “بريكس” بأنه منتدى يناقش القضايا الأساسية التي تهدد الأمن العالمي، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء بالتكتل منخرطة في محادثات مع روسيا وأوكرانيا أملاً في تحقيق السلام.

وأشار إلى أن البرازيل مستعدة للانضمام إلى الجهود التي يمكن أن تؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار ولحل سلمي دائم وعادل.

وانتقد ارتفاع الإنفاق العسكري عالمياً، قائلاً إنه من غير المقبول أن الإنفاق الدفاعي العالمي قفز في عام واحد إلى أكثر من 2 تريليون دولار، قي وقت تحذر فيه منظمة الأغذية والزراعة من أن أكثر من 700 ألف شخص يعانون من المجاعة يومياً في العالم.

تسهيل التجارة

رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، أعلن أن بلاده ترحب بالتعاون القائم بين دول “بريكس” وإفريقيا، مشيراً إلى أن كل دول التكتل تريد توسيع تعاونها مع القارة السمراء.

وأكد أن التكتل يركز في توسيع التعاون مع إفريقيا في مجال التجارة والخدمات، لكي تكون دول “بريكس” قادرة على منافسة الدول والتكتلات الأخرى التي تربطها شراكات مماثلة إفريقيا.

ولفت رامافوزا إلى أنه بمجرد تفعيل منطقة التجارة الحرة الإفريقية ستفتح إمكانات السوق الإفريقية وستمكن من الاستفادة من فرص متكافئة لدول المجموعة والدول الإفريقية.

وأكد ضرورة حل الأزمات الدولية عبر الحوار والتفاوض في ظل احترام مواثيق الأمم المتحدة، معرباً عن قلقه من الاستخدام المتزايد لأنظمة الدفع المالي العالمية كـ”أدوات في المواجهات الجيوسياسية”.

وشدد على أن تعافي الاقتصاد العالمي يعتمد على أنظمة دفع مالي عالمية ثابتة وسلاسة المعاملات البنكية وسلاسل الإمداد والتدفقات المالية.

وأشار رامافوزا إلى أن “بريكس” ستواصل المناقشات بشأن الإجراءات العملية لتسهيل التجارة وتدفقات الاستثمار عبر زيادة استخدام العملات المحلية.

وأضاف: “هذه قضية تحتاج مناقشات إضافية، خصوصاً على مستوى وزراء مالية التكتل”.

وتابع أن العالم يتغير باستمرار، ما ينتج عن واقع اقتصادي واجتماعي وتكنولوجي جديد، مشيراً إلى أن هذا الواقع الجديد يدعو إلى إصلاحات كبيرة لأنظمة الحوكمة العالمية حتى تصبح أكثر تمثيلاً للدول وقادرة على مواجهة التحديات التي تواجه البشرية.

التعاون بين دول المجموعة

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أعلن أن بلاده ترحب بالتوافق في الآراء داخل المجموعة بشأن توسيع التكتل. وقال إن الهند “تدعم بالكامل توسيع المجموعة”.

 ودعا مودي إلى التعاون بين دول المجموعة في مجال الفضاء، قائلاً: “عملنا على تشكيل نظام أقمار اصطناعية للمجموعة، ومن الممكن تشكيل مركز لأبحاث الفضاء خاص بها، ما يعود بالفائدة على البشرية جمعاء”.

وشدد على ضرورة  التعاون بين دول المجموعة في “مجال التعليم، والتقنيات، بغرض تحضير مجتمعاتنا للتطور التكنولوجي”.

واقترح رئيس الوزراء الهندي، خلال كلمته بالقمة، أن تكون هناك عضوية دائمة للدول الإفريقية في “مجموعة العشرين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى